تيك توك يطرق باب الأزياء بعروض مباشرة خبراء يؤكدون وجود مصلحة متبادلة بين الموضة والتطبيق

في الوقت الذي تحاول فيه صناعة الموضة التعافي بعد خسائر تكبدتها بفعل تداعيات وباء «كورونا»، يسعى تطبيق «تيك توك» تعزيز أهميته في قطاع سلع الترف، حتى تقاطعت مصلحة الاثنين بعد «كورونا»، إذ أعلن تطبيق «تيك توك» في بيان صحافي، في سبتمبر (أيلول) الجاري، عزمه عقد شراكة مع بيوت أزياء راقية على غرار «لوي فيتون» و«سان لوران»، لبث عروض أزياء حية وتقديم تشكيلات حصرية لمستخدمي التطبيق. ومن شأن شراكة كهذه أن تعالج المخاوف الاقتصادية التي هددت صناع الموضة منذ بداية العام، وتنذر بصعود الموضة الرقمية كبديل للعروض الحية، وفق خبراء.
وأوضح التطبيق في بيانه أن هذه العروض ستقدم تحت اسم «شهر الموضة» الذي من المقرر انطلاقه قبيل نهاية سبتمبر (أيلول) الجاري، وحتى 8 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، على أن يضم عروضاً لعلامات أزياء بارزة مثل «بوما»، «أليس أند أوليفيا»، و«جي دبليو أندرسون»، عبر خلال بثين مباشرين أسبوعياً. كما أعلن التطبيق انتهاء فعاليات شهر الموضة بحفل يجمع المغني نيك تانجورا مع أشهر المؤثرين على «تيك توك».
العنود السويلم، مستشارة الموضة، السعودية، تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «دور الأزياء بحاجة إلى دعم سبل التواصل مع عملائها، وهو ما سيحققه تواجدهم على تطبيق عملاق يضمن لهم الانتشار، إذ ستحظى عروض الأزياء بعدد مشاهدات أكبر بفضل العدد الضخم لمستخدمي التطبيق، فضلاً عن سهولة استخدامه، من قبل فئات متنوعة من حيث العمر، والثقافة، والطبقة الاجتماعية».
ووصل عدد مرات تحميل تطبيق «تيك توك» إلى ملياري مرة حتى 29 أبريل (نيسان) عام 2020، بحسب شركة «سينسور تاور» الأميركية المتخصصة في أبحاث سوق التطبيقات ومقرها ولاية كاليفورنيا. فيما بلغ عدد المستخدمين النشطين على التطبيق نحو 800 مليون مستخدم نشط شهرياً، حسب التقرير ذاته.
وترى العنود السويلم أن العروض الرقمية ساهمت في حل أزمة الموضة بشكل إبداعي ومبتكر. وتدلل: «شاهدنا عرض (ديور) لتشكيلة خريف وشتاء 2020/2021 الذي قدم على شكل فيلم قصير، ثم عرض تشكيلة (الكروز) الذي أبهرت به (ديور) العالم من خلال بناء مجسم ضخم يزن 60 طناً ومزين بـ30 ألف مصباح مضيء، فالعروض الرقمية تجسد لنا الحياة الافتراضية الجديدة بما تجلبه من إبداع خيالي».
وتطرق خبراء الموضة إلى ضرورة اهتمام العلامات البارزة بالعالم الرقمي، قبل ظهور وباء «كورونا» سواء على مستوى التسويق، أو بناء روابط مباشرة مع المستهلك، لكن الوباء جاء ليفرض على رواد هذه الصناعة البحث سريعاً عن موطئ قدم وسط العالم الرقمي الذي أصبح المنقذ الوحيد في عالم فرض عليه التباعد. مصممة الأزياء المصرية رنا يسري، تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «صناعة الموضة كانت على المحك قبل انتشار الوباء بعد اتهامها بأنها ثاني أكبر ملوث للبيئة، فضلاً عن أنها صناعة اتهمت بالقسوة بسبب تأثير بيئة العمل على العاملين، وتضيف «الموضة بحاجة إلى نمط جديد، وتغيير أدواتها الكلاسيكية، بداية من أساسيات الصناعة وصولاً إلى شكل عروض الأزياء».
وترى يسري أن «الاعتماد على تطبيق مثل (تيك توك) ربما يحل جزءا من أزمة عروض الأزياء الحية، لكن الأمر يتوقف على الجمهور المستهدف، لأن مثل هذا التطبيق يستهدف شريحة عمرية محددة».
وذكرت صحيفة «الغارديان» في تقرير نشرته في سبتمبر الجاري، أنه «على الرغم من أن 69 في المائة من مستخدمي تطبيق تيك توك تتراوح أعمارهم بين 13 و24 عاما، إلا أن لديهم قوة شرائية لا يستهان بها، كما أن لديهم تأثيرا كبيرا على ما يشتريه الأكبر سناً».
وتمتلك دور راقية مثل فندي، ديور، بالنسياغا، حسابات رسمية على «تيك توك»، أملاً في الاستفادة من قاعدة المستخدمين الضخمة، كذلك أطلقت علامة «غوتشي» تحدياً بين مستخدمي التطبيق وأطلقت عليه «تحدي نموذج غوتشي» من خلال تشجيع المستخدمين على ابتكار أساليب جديدة لتنسيق الأزياء على شاكلة الدار الإيطالية، ورغم ذلك ترى السويلم أن «الموضة كانت بطيئة في احتضان التغيرات التكنولوجية».
وتأتي هذه الشراكة في الوقت الذي يعاني فيه التطبيق الصيني من ملاحقات وتهديد بالحظر في عدد من الدول على رأسها الولايات المتحدة الأميركية، كما تم حظره بالفعل داخل الهند، فضلاً عن اتهامات بالمساس بالأسس الاجتماعية داخل بعض الدول العربية وصلت إلى محاكمات فعلية انتهت بالسجن لبعض المستخدمين في مصر، ما يضع التطبيق في مأزق رغم انتشاره. ويتبع التطبيق حالياً خطة دفاع تعتمد على إحداث تغيير في شكل المحتوى المقدم، فلم يعد الأمر يقتصر على الرقصات التي تنتشر سريعاً على نطاق واسع، بل بات يشمل العروض الموسيقية الحية لبعض النجوم في الوطن العربي والعالم، ثم جاء دور الموضة بتقديم تشكيلات الأزياء الراقية التي ربما تضفي طابعاً من الترف والفخامة على محتوى التطبيق.
وتشير السويلم إلى أن «هذه الشراكة ربما تلقي بظلالها على تفعيل عمليات التسوق الإلكتروني لتصبح أكثر متعة، وتوضح «التسوق الإلكتروني بشكله التقليدي الذي يعتمد على الصور المسطحة خالٍ من المتعة، لكن دمج بعض التقنيات الحديثة مثل طريقة العرض ثلاثية الأبعاد ربما يضفي على التجربة لمسة واقعية، تجعل من التسوق الإلكتروني قيمة مضافة لصناعة الموضة

Similar Posts